انتصار أوكرانيا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في هذه الحرب المدمرة

بعد مرور عام منذ بدء الحرب الروسية المدمرة ضد أوكرانيا، نجدد إدانتنا للعدوان المستمر وتأثيره على الشعب الأوكراني. هذه الحرب انتهاك واضح للسيادة والاستقلال والسلامة الإقليمية والمبادئ الدولية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، كما أنها إنكار واضح لحق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره بحرية.
تظهر وحشية هذا العدوان السافر كل يوم: الملايين من النازحين والمحرومين من حياتهم ومنازلهم، وبنى تحتية مدمرة، وأحياء بأكملها تمكث في الظلام دون تدفئة أو كهرباء، وآلاف الأرواح، بما فيهم الأطفال، زهقت في حرب وحشية لا مبرر لها. يقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب أوكرانيا في حقها في الدفاع عن أراضيها ضد العدوان.
أدت أزمات الغذاء والطاقة والاقتصاد التي نتجت عن الحرب إلى آثار بعيدة المدى، لم تقتصر على شعب أوكرانيا فحسب بل طالت معظم بلدان العالم. لذا بذل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، بالتعاون مع الشركاء العالميين على بذل كل ما في وسعهم من جهود للتخفيف من العواقب والتبعات على البلدان الأكثر تضررًا. وتعتبر مبادرة "ممرات التضامن" بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا التي تم إطلاقها في مايو 2022 مثالاً على ذلك، حيث توفر شريان حياة للاقتصاد الأوكراني من خلال تسهيل نقل الصادرات الهامة من السلع الزراعية الأوكرانية.
تجمع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا شراكة عميقة وشاملة وطويلة الأمد، مبنية على القيم والمصالح المشتركة التي توحدنا في وجه هذا العدوان. على مدار العام الماضي، أظهر الاتحاد الأوروبي دعمًا راسخًا لأوكرانيا من خلال زيارات رفيعة المستوى وتقديم المساعدات الإنسانية والمالية، فضلاً عن الدعم السياسي والعسكري. كما فرض الاتحاد الأوروبي وشركاؤه أشد العقوبات الاقتصادية صرامة على روسيا.
وقد أدى تهجير ملايين الأشخاص من ديارهم إلى أزمة إنسانية حادة تتطلب اهتمامنا الفوري إذ يواجه أولئك الذين بقوا في أوكرانيا هجمات متزايدة على البنى التحتية الحيوية. يعمل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بلا كلل لتقديم المساعدة للمحتاجين. قام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بتخصيص 50 مليار يورو لدعم أوكرانيا. ويشمل ذلك حزمة طوارئ تركز على الاحتياجات الفورية للنازحين داخلياً، بما في ذلك الإسكان الاجتماعي وإصلاح البنى التحتية المتضررة، ولا سيما مرافق التدفئة والمياه والصرف الصحي. وقدم الاتحاد الأوروبي أيضًا حزمة دعم مالي غير مسبوقة، في شكل قروض ميسرة للغاية، وقد تم تقديم الدفعة الأولى البالغة 3 مليارات يورو في يناير الماضي. سيساهم هذا الدعم في الحفاظ على تشغيل الخدمات الحيوية وضمان استقرار الاقتصاد الكلي. كما قدم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء المساعدات العسكرية لدعم وتمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها ضد المعتدي.
أظهر الشركاء العالميون أيضًا تضامنًا كبيرًا مع أوكرانيا. حيث قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم أوكرانيا من خلال الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك دعمها للعديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما التي تدين الضم غير القانوني لأجزاء من أوكرانيا. بالإضافة إلى هذه الجهود الدبلوماسية، قدمت دولة الإمارات 100 مليون دولار أمريكي من المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والإغاثية، كما قامت بإرسال 2500 مولّد كهربائي منزلي، لتوفير الدعم الفوري للمواطنين الذين يواجهون انقطاعات في الطاقة.
على الرغم من جهود المجتمع الدولي، لا يزال الوضع في أوكرانيا قاتماً مع استمرار تصاعد العنف الروسي، ولكن على الرغم من ذلك، فإن روسيا تخسر الرأي العام وفي ساحة المعركة. لا بد لأوكرانيا أن تنتصر لتحقيق السلام.
لذلك فإن استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا خطوة ضرورية ومبررة نحو استعادة السلام والاستقرار في المنطقة. الهدف هو أن تنتصر أوكرانيا على العدوان وتضع حداً لهذه الحرب المدمرة في أسرع وقت ممكن لتجنب حرب استنزاف طويلة الأمد. البديل هو استمرار الموت والدمار في أوكرانيا، وتفاقم انعدام الأمن في أوروبا، والمعاناة المستمرة في جميع أنحاء العالم مع مواصلة روسيا في استخدام الطاقة والغذاء كسلاح. لم تبدأ أوكرانيا ولا الاتحاد الأوروبي هذه الحرب التي ما كنا نريدها أبدًا. هذه المسؤولية تقع على عاتق روسيا وحدها.
قد يجادل البعض بأن المزيد من الأسلحة لن يؤدي إلا لإطالة أمد الصراع ويخاطر بمزيد من التصعيد، وأن المفاوضات الدبلوماسية هي الحل الوحيد. في حين أن أوروبا ستبقى منفتحة لأي محاولات جادة لإنهاء الحرب عن طريق التفاوض، إلا أن أي جهود من هذا القبيل يجب أن تأتي وفقًا للشروط الأوكرانية، مع الاحترام الكامل لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها. لكن في ساحة المعركة، أوضحت روسيا حتى الآن أنها تنوي الاستمرار في الحرب. وما لم تغير روسيا موقفها، فإن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب هي إمداد أوكرانيا بوسائل للدفاع عن نفسها واستعادة أراضيها.
يستحق شعب أوكرانيا أن يعيش في سلام وأمن وازدهار. هذا هو سبب اختيارهم المسار الأوروبي وطموحهم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. تقع على عاتقنا مسؤولية دعمهم في هذا الهدف حيث سيواصل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا العمل معًا لتعزيز السلام والاستقرار في أوروبا ودعم الشعب الأوكراني في جهودهم لإعادة بناء حياتهم وبلادهم.
في ذكرى مرور عام على بدء الحرب في أوكرانيا، نجدد نداءنا لجميع الدول لدعم أوكرانيا في جهودها لإنهاء هذه الحرب. في هذا اليوم الحزين، نحث جميع الشركاء الدوليين على الانضمام إلينا في هذه الجهود وإظهار دعمهم لأوكرانيا ديمقراطية ومستقلة ومزدهرة وذات سيادة.