القمة النسوية الثامنة في اليمن: المجتمع الذي يتحقق فيه الشمول ليس شيئا اختياريا، بل أمر أساسي
رغم التحديات الكثيرة التي تواجهها اليمن، عكست القمة واقعًا مختلفًا تصنعه عزيمة النساء اليمنيات اللواتي يواصلن التنظيم والمناصرة والقيادة. وعامًا بعد عام، تلتقي هؤلاء النساء اليمنيات لخلق مساحة لأصواتهن، والدفع بحقوقهن، والتأثير في مسار بلادهن. يعكس استمرار مشاركتهن التزامًا عميقًا بإعادة بناء اليمن على أسس العدالة والمشاركة والمساواة، حتى في أصعب الظروف.
شارك الحضور خلال الفعالية في نقاشات مفتوحة حول جهود السلام، والتعافي الاقتصادي، والسلامة الرقمية، وحقوق الإنسان، وغيرها من التحديات التي تواجه النساء في الحياة العامة. وأبرزت النقاشات كيف أدت الضغوط الاقتصادية، ومخاطر المناخ، وتصاعد العنف الإلكتروني إلى استشراء الهشاشة، مع الأخذ في عين الاعتبار في الوقت نفسه كيفية استجابة الشبكات النسائية في اليمن بإبداع وتضامن وشجاعة.
يُعد الاتحاد الأوروبي شريكًا فاعلا وعريقا في هذه الرحلة. وتواصل بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن دعم مشاركة النساء في الحياة العامة والاقتصادية والمجتمعية من خلال مجموعة واسعة من البرامج المنفذة مع شركاء محليين، والتي تشمل جميعها مكونا قويًا يركز على النوع الاجتماعي لضمان وضع احتياجات النساء وحقوقهن وقيادتهن في صميم مختلف القطاعات. وكما قال سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن: "لا يمكننا أن نستمر في تجاهل نصف السكان وندّعي أننا نتحدث باسم الجميع. المجتمع الذي يتحقق فيه الشمول ليس خيارا إضافيا أو أمر رائع إن كان متاحا، بل هو أمر أساسي".
قام الاتحاد الأوروبي مؤخرا بتعزيز المرأة والسلام والأمن والعنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي كموضوعات أساسية ضمن حملاته الإعلامية، مما ساهم في إبراز قصص النساء اليمنيات وتحدياتهن وإنجازاتهن. هذه الحملات تكمل جهود بناء السلام التي يدعمها الاتحاد الأوروبي بمناسبة ذكرى صدور قرار مجلس الأمن رقم 1325، وتكمل أيضا مشاريع مجتمعية تقودها نساء في المحافظات، ومبادرات لتعزيز السلامة الرقمية والحوكمة والوصول إلى العدالة. وتعكس هذه التدخلات مجتمعة قيمًا مشتركة متأصلة في الكرامة والمساواة وحقوق الإنسان.
كما تناولت قمة هذا العام العدالة الانتقالية والحاجة إلى المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى دور قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية في اليمن في حماية النساء من الانتهاكات عبر الإنترنت. وأكد خبراء وناشطات يمنيات على أهمية توثيق الانتهاكات، ودعم الناجيات، وضمان أن تقوم النساء بدور محوري في وضع عمليات العدالة والأمن. سلطت النقاشات الضوء على الجهود المحلية لمكافحة التطرف العنيف وتعزيز التماسك الاجتماعي، مع التأكيد على الدور الجوهري للنساء في بناء الاستقرار طويل الأمد.
واختُتمت القمة بإصدار إعلان عدن، الذي تضمن أولويات لتعزيز حقوق النساء، وتوسيع الفضاء المدني، وضمان إدماج النساء بالكامل في عمليات السلام والتعافي في اليمن. ومع إكمال القمة النسوية لعام جديد، ظهرت رسالة بشكل واضح، ألا وهي أن الحركة النسوية اليمنية تزداد قوة. فهي ليست مجرد مساحة للمناصرة، بل التزام وطني بمستقبل أكثر عدلاً وسلامًا واستقرارًا.
وعلى مستوى اليمن والعالم، تركت القمة تذكيرا بأن مستقبل البلاد لا ينفصل عن المساواة بين الجنسين، ومع استمرار النساء اليمنيات في القيادة، فإن الطريق نحو السلام والصمود سيظل في متناول اليد.