مساعدة الأيدي المساعدة

17.12.2020

مقال بقلم سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين

كثيرة هي الأمور التي تجمعنا كبشر. ويستمتع كل شخص منا بشعور العودة إلى منزل نظيف. كما وأننا نرغب في التأكُّد من أنّ أطفالنا آمنون وبأن كل مسن أو مريض في أسرتنا وعائلتنا تتم العنابة بهم بشكل جيد.

من أصل 400 ألف عامل مهاجر في لبنان، تؤدي الغالبية العظمى أعمالاً منزلية، وهذا عدد ضخم من "الأيدي المساعدة" مقارنة ببلدان أخرى. وتساهم هؤلاء المساعِدات في حياة الأسرة في الأوقات الجيدة والصعبة ويقدّمن بذلك مساهمة للبنان نفسه. واليوم نحيي اليوم الدولي للمهاجرين وهي فرصة لنتذكر هذا الأمر.

يشكل تراكم الأزمات التي يمر بها لبنان تحدياً بالنسبة إلى غالبية الناس. ويمثل العمّال المهاجرون المستثنون من قانون العمل واحدة من الفئات الأكثر ضعفاً. وقد انتشرت على نطاق واسع صور لعاملات مهاجرات في الخدمة المنزلية ينمن في شوارع بيروت، وفي بعض الأحيان مع أطفال في سنّ صغيرة للغاية. وفي غياب الراتب أو تأخيره أو عدم دفعه بانتظام، وعدم وجود وثائق في كثير من الأحيان، فإن العديد من العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية عالقات ويتزايد خطر إساءة المعاملة والاستغلال والاتجار بهن.

طالما كان لبنان بلداً للهجرة عبر التاريخ. وكوّن العمال المهاجرون اللبنانيون أنفسهم في مختلف أنحاء العالم ووجدوا أعمالاً في الخارج. وكانت التحويلات المالية التي يرسلونها إلى لبنان بمثابة شريان حياة بالغ الأهمية للعديد من السكان. لذلك فإن إساءة معاملة العمال المهاجرين الذين يعيشون ويعملون في لبنان أمر يصعب فهمه.

ويدعم الاتحاد الأوروبي مجتمعاً شاملاً يستطيع الجميع أن يساهموا فيه، وإنما أيضاً حيث يحظى الجميع بالحماية ويستطيع الناس أن يعيشوا في كرامة. وينبغي احترام كرامة كل فرد في العمل وسلامته. وينبغي ألا يُترَك هذا الأمر للمواطنين حصراً. ويكمن دور الحكومة والدولة في وضع معايير دنيا يجب أن يحترمها الجميع. ونحن ندعو إلى إنهاء نظام الكفالة والاحترام الكامل لحقوق العمّال المهاجرين. وينبغي أن يتمتع جميع العمال، بصرف النظر عن وظائفهم، بحرية اختيار المغادرة، وتغيير الوظائف، وصاحب العمل. ونحن على استعداد للالتزام مع كل من يساهم في تحقيق هذه الغاية.

ويؤيد الاتحاد الأوروبي اعتماد عقد موحد قياسي جديد كخطوة في الاتجاه الصحيح. وإنّنا نأسف لطول الوقت الذي تستغرقه هذه العملية. وبطبيعة الحال، يتعين على الدولة أن تضمن احترام وإنفاذ هذا الأمر وأي قانون جديد. وينبغي مساءلة مرتكبي جميع أشكال إساءة المعاملة ضد العمال المهاجرين أمام القانون. وفي نهاية المطاف، ينبغي أن تتمتع العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية بالحقوق نفسها المتاحة لأي موظف في لبنان. ومن الضروري ضمان إدراج العمال المهاجرين في قانون العمل.

ويتعين على الدولة أيضاً أن تضمن عدم مساهمتها عن غير قصد في محنة العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية. ويجب إعادة النظر في ممارسة احتجاز العمال المهاجرين بسبب غياب الإقامة القانونية أو انتهاء صلاحية إجازات العمل. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة حالياً في لبنان، يجب النظر في إمكان منح إعفاء من رسوم المغادرة والعقوبات لتمكين العمال المهاجرين من العودة طوعاً إلى بلدانهم إذا كانوا يرغبون في ذلك.

نقترب من عيد الميلاد، وفي هذا الموسم، سيفكر الكثير من العمال المهاجرين اللبنانيين حول العالم أكثر من أي وقت مضى بأحبّائهم في الوطن ويفتقدونهم. وسينتاب العديد من العمال المهاجرين في لبنان الشعور نفسه أيضاً. فما يربطنا كبشر أكثر بكثير مما يفرقنا. فالإنسانية نفسها تجمعنا، ونحن أسرة بشرية واحدة.

نعم لإلغاء نظام الكفالة

 

رالف طراف

سفير الاتحاد الأوروبي في إلى لبنان