كلمة السفيرة أنجلينا إيخهورست في المائدة المستديرة لجمعية رجال الأعمال المصريين

شكرًا لاستقبالكم الحار الذي أتاح لي فرصة مشاركتكم لمحة عن أين نقف اليوم في علاقتنا الثنائية:

الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر، حيث يمثل نحو 25% من إجمالي تجارتكم في عام 2024.

لقد زادت تجارتنا الثنائية في السلع بما يقرب من أربعة أضعاف منذ دخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ في عام 2004، ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لكم. وقد بلغت التجارة الثنائية في السلع في عام 2024 نحو 32.5 مليار يورو.

تصدر مصر إلى الاتحاد الأوروبي سلعًا بقيمة 12.6 مليار يورو، تشمل المنتجات الزراعية والغذائية، والمعادن، والأسمدة، والآلات الكهربائية، والبلاستيك، والصلب، والألومنيوم.

أنتم تصدرون إلى الاتحاد الأوروبي أكثر مما تصدرون إلى أي شريك آخر في العالم! وللتوضيح، تصدرون إلى الاتحاد الأوروبي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما تصدرونه إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا والبرازيل والهند مجتمعين!

ويُعد قطاع المنتجات الزراعية والغذائية قصة نجاح بارزة لمصر، ويؤكد على مكانتها كشريك مهم في هذا المجال. ففي عام 2024، زادت صادرات الفواكه والخضروات (كالبرتقال والفراولة والبطاطس والطماطم) بشكل كبير، لتصل إلى 2.3 مليار يورو. ولأول مرة، سجل الاتحاد الأوروبي عجزًا تجاريًا مع مصر في هذا القطاع بمقدار 300 مليون يورو. وبالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي يطبق على الأرجح أكثر القواعد صرامة في العالم في مجال المنتجات الزراعية والغذائية، فإن هذا يعكس التقدم الكبير الذي حققته مصر في هذا القطاع وقدرتها على تلبية معايير الجودة الأوروبية والمتطلبات الصحية النباتية. كما أن استئناف صادرات الأسماك البرية في بداية هذا العام يُعد إنجازًا حديثًا آخر.

من جهة أخرى، بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى مصر 19.9 مليار يورو في عام 2024، وتتألف بشكل أساسي من المدخلات الصناعية، والآلات، والمواد الكيميائية، والمنتجات الصيدلانية – وهي كلها عناصر حيوية لدعم تطوير الصناعة والاقتصاد المصري.

وفي قطاع الخدمات، تزدهر تجارتنا أيضًا. ففي عام 2023 (وهو أحدث عام تتوفر له البيانات)، بلغت التجارة في الخدمات 15.1 مليار يورو، مع تحقيق مصر لفائض قدره 2.7 مليار يورو (يستورد الاتحاد الأوروبي خدمات بقيمة 8.9 مليار يورو، ويصدر خدمات بقيمة 6.1 مليار يورو). وتتركز الخدمات المصرية على النقل والسياحة، وتزداد مساهمتها في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو قطاع ناشئ يعكس رأس المال البشري القوي في مصر ومهاراتها الهندسية. بينما تتركز خدمات الاتحاد الأوروبي على الاتصالات والنقل.

أما في مجال الاستثمار، فنحن من بين أكبر المستثمرين في مصر. ففي عام 2023، بلغ رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدينا 34.8 مليار يورو، وهو رقم قريب جدًا من مستوى ما قبل الجائحة (35.7 مليار يورو في عام 2019)، مما يدل على التزام المستثمرين الأوروبيين بالبقاء على المدى الطويل.

لكن لا يمكننا القول إن كل شيء مثالي، فما زالت هناك تحديات، مثل الحواجز التجارية، التي نعمل جاهدين على التغلب عليها، وأنا واثق من إحراز تقدم.

ما هو الطريق إلى الأمام إذن؟ تنفيذ اتفاقية الشراكة بشكل كامل، بما في ذلك تعزيز القدرة التنافسية لمصر وتحسين بيئة الأعمال. (وسأشارككم الآن بعض الأفكار حول مستقبل علاقتنا.)

في مارس 2024، وقع الاتحاد الأوروبي ومصر على الشراكة الإستراتيجية والشاملة (SCP)، مما رفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد، وأكد المصالح المشتركة في تحديث علاقاتنا التجارية والاستثمارية.

كان مؤتمر الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ومصر، الذي عُقد في يونيو 2024، أول إنجاز فعلي بعد اعتماد الشراكة SCP، وخطوة مهمة لتعزيز تعاوننا في مجالات رئيسية ذات اهتمام مشترك، مثل الطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، والتحول الأخضر. وقد جمع المؤتمر أكثر من 2000 شركة (منها 600 شركة من الاتحاد الأوروبي) لاستكشاف فرص الاستثمار في مصر. وتم خلاله توقيع 35 اتفاقية ومذكرة تفاهم، من بينها 29 اتفاقية بقيمة 49 مليار يورو مع شركات مرتبطة بالاتحاد الأوروبي، و6 اتفاقيات أخرى بقيمة 18.7 مليار يورو مع تحالفات أخرى.

علاوة على ذلك، تستند الشراكة SCP إلى حزمة مالية بقيمة 7.4 مليار يورو – وهي ثاني أكبر حزمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي بعد أوكرانيا – وتشكل محطة تاريخية في علاقات الاتحاد الأوروبي بمصر، مما يُبرز الأهمية الاستراتيجية التي نوليها لمصر بصفتها ركيزة للاستقرار في المنطقة. وتشمل هذه الحزمة مساعدات مالية كلية بقيمة 5 مليارات يورو تهدف، من بين أمور أخرى، إلى تيسير بيئة الأعمال وتعزيز القدرة التنافسية.

تيسير الاستثمار هو أولوية مشتركة قصوى. نحن نستكشف مع مصر سُبل تحديث علاقاتنا الثنائية التجارية والاستثمارية من خلال اتفاقية تيسير الاستثمار المستدام (SIFA). توفر هذه الاتفاقيات إجراءات عملية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال تعزيز الشفافية في السياسات المرتبطة بالاستثمار وتبسيط الإجراءات الإدارية اليومية.

ووسط المنافسة الشديدة على جذب الاستثمار الأجنبي، فإن إبرام اتفاقية SIFA مع الاتحاد الأوروبي سيبعث برسالة قوية من الثقة للمستثمرين، ويُبرز إمكانات مصر كوجهة جاذبة للاستثمار. وستُكمّل هذه الاتفاقية جهودنا الثنائية الأخرى لزيادة الاستثمار في مصر.

بالإضافة إلى ذلك، وبالتعاون مع وزارة التخطيط، أطلقنا مؤخرًا آلية ضمانات الاستثمار من أجل التنمية بقيمة 1.8 مليار يورو، بهدف توفير حلول تمويلية لمجموعة من المشاريع التي تدعم التحول الأخضر في مصر. ومن خلال تقليل المخاطر أمام الاستثمارات الخاصة، خاصة في مجالات التكنولوجيا النظيفة، والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والمياه – وكلها قطاعات استراتيجية – سيتم تعبئة المزيد من الاستثمارات.

كما لدينا مشروع مخصص للتجارة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة – TIGARA – ويُنفذ من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وهو برنامج بقيمة 8 ملايين يورو يركز على بناء القدرات داخل الإدارة وسلاسل القيمة والعناقيد الصناعية الصغيرة والمتوسطة، لمساعدة مصر على الاستفادة من الفرص التجارية. ونعمل حاليًا على الانتهاء من برنامج دعم للنمو بقيمة 40 مليون يورو (2025-2027) يُركز على تيسير التجارة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق اندماج أفضل في سلاسل القيمة المحلية والإقليمية.

سيشهد هذا العام محطتين هامتين في علاقتنا الثنائية، هما اجتماع لجنة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وقمة القادة في الخريف في بروكسل. وفي العام المقبل، سيُعقد مجلس الشراكة.

ويُعد صوت مجتمع الأعمال عنصرًا مهمًا في علاقاتنا الثنائية. وآمل أن تسفر مناقشات اليوم عن أفكار جديدة حول كيفية مواجهة التحديات واستغلال الفرص المتاحة.