كلمة السفيرة إيخهورست في حفل إطلاق أسبوع البحث والابتكار بين الاتحاد الأوروبي ومصر

السيدات والسادة الباحثون والمبتكرون،
الزملاء والأصدقاء الكرام،

يشرفني بالغ الشرف أن أكون بينكم اليوم ونحن نحتفل بمرور عشرين عاماً على التعاون العلمي بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية، وهو إنجاز يجسد ليس فقط عراقة شراكتنا، بل أيضاً عمقها ووحدة الهدف الذي يجمعنا.

قبل عشرين عاماً، حين وقّع الاتحاد الأوروبي ومصر اتفاقية التعاون في مجالي العلوم والتكنولوجيا، كانت رؤيتنا تتمثل في بناء جسر من المعرفة والابتكار والازدهار المشترك. وعلى مدى العقدين الماضيين، أصبح هذا الجسر أكثر قوة واتساعاً، مما أتاح لآلاف الباحثين والمبتكرين التعاون المشترك، والإبداع، وصياغة حلول للتحديات المشتركة.

ويعرض المعرض المقام خارج هذه القاعة نماذج من تعاوننا من خلال أكثر من 350 نشاطاً ومبادرة على مرّ السنوات. وعلى مدار هذه الفترة:

شارك مئات الباحثين والمبتكرين المصريين، إلى جانب كيانات من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والمؤسسات، في برامج الإطار الأوروبية المتعاقبة، من البرنامجين السادس والسابع، إلى «أفق 2020»، وصولاً إلى «أفق أوروبا»، أكبر برنامج للبحث والابتكار في العالم.

وقد أسهمت المشاريع المشتركة في توليد المعرفة في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة، وتكنولوجيات المياه النظيفة، والصحة، والتكيّف مع تغير المناخ، وعلم الآثار، والهجرة، والثقافة.

كما شارك أكثر من 120 مستفيداً مصرياً في نحو 100 مشروع ضمن برنامج الشراكة في البحث والابتكار في منطقة البحر المتوسط (PRIMA)، مسهمين في مواجهة تحديات الأمن الغذائي وندرة المياه.

وشارك مئات الباحثين المصريين في أنشطة «ماري سكلودوفسكا-كوري»—أول امرأة تفوز بجائزة نوبل—وهو البرنامج الرائد للاتحاد الأوروبي للتدريب في مرحلتي الدكتوراه وما بعد الدكتوراه، والذي يزوّد الباحثين بالمعرفة والمهارات الجديدة ويدعم حركة تداول العقول.

كما استفاد آلاف الشباب المصريين من فرص التنقل في إطار برنامج «إيراسموس+»، مما أسهم في إعداد جيل جديد من القادة العالميين في مجالي العلوم وصنع السياسات.

هذه النجاحات ليست مجرد أرقام، بل تمثل أفكاراً تحققت وجسوراً بُنيت بين شعوبنا. إن قصص برامجنا المشتركة قادرة بالفعل على تغيير مسار المصير، وهي في الوقت ذاته قصص عن الحرية والانفتاح والتعلّم والابتكار، وعن تحويل الأفكار والتعاون إلى ما يتجاوز حدود القيادات وحدها.

وبينما نحتفي بمرور عشرين عاماً على هذا التعاون، فإننا نتطلع أيضاً إلى المستقبل. فرغم ما حققناه، لا يزال أمامنا الكثير لننجزه.

وقد قال الفيزيائي الهولندي الشهير والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1902، هندريك لورنتز: «إن حدود العلوم تشبه الأفق؛ فكلما اقتربتَ منها، ابتعدت أكثر». وكذلك فإن حدود الأثر الذي يمكننا أن نبتكره معاً لا تزال غير محدودة وتتجاوز الخيال. وعلينا أن نقف معاً دفاعاً عن العلم.

وأود أن أؤكد أن تعاوننا العلمي لا يقوم بمعزل عن غيره، بل يشكّل ركيزة أساسية لشراكة استراتيجية أشمل تتعمق عاماً بعد عام.

ويأتي هذا الاحتفال في وقت تُعد فيه مصر شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وفي وقت يشكّل فيه البحث والابتكار محوراً رئيسياً لتعاوننا المشترك.

وترتكز شراكتنا على قناعة راسخة بأن الحرية العلمية والنزاهة والتميّز هي أسس جوهرية للتنمية. ويسعدني أن أذكّر بأن هذا العام شهد محطة تاريخية غير مسبوقة في تعاوننا، تمثلت في انضمام مصر إلى برنامج «أفق أوروبا» في 22 أكتوبر، حيث تم توقيع الاتفاق بحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين.

وفي الواقع، فإن الانضمام يُعد أقرب أشكال التعاون في مجالي البحث والابتكار التي يمكن للاتحاد الأوروبي إقامتها مع دولة من خارج الاتحاد. وأود هنا أن أتقدم بالشكر لمعالي الوزير الدكتور محمد أيمن عاشور على التعاون المتميز.

ويمثل هذا الانضمام نقلة نوعية في تعاوننا، حيث يفتح المجال أمام الكيانات المصرية لقيادة وتنسيق المشاريع، وليس فقط المشاركة فيها. كما يتيح لها إنشاء تحالفات بحثية، والمساهمة في تصميم المشاريع، والاستفادة من مستوى أعلى من الحضور والاعتراف على الصعيدين الأوروبي والدولي.

وفي ظل التحديات العالمية والإقليمية الراهنة، يكتسب تعاوننا أهمية متزايدة، إذ إن دبلوماسية العلوم ليست ترفاً، بل ضرورة حتمية.

نحو المستقبل

بينما ندخل فصلاً جديداً من التعاون العلمي بين الاتحاد الأوروبي ومصر، ينبغي أن تكون طموحاتنا أكبر من أي وقت مضى. ويتمثل التحدي المشترك أمامنا في تحويل المعرفة إلى أثر ملموس.

وفي هذا الأسبوع، وبالاشتراك مع معالي الوزير عاشور، سأقوم بافتتاح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الأوروبي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وسيحظى هذا المكتب بدعم مالي قدره 1.5 مليون يورو من خلال عقد للمساعدة الفنية، وسيهدف إلى:

دعم مشاركة مصر في برنامج «أفق أوروبا»، وتعظيم أثر هذه المشاركة، علماً بأن الدعوات الجديدة للعامين المقبلين من المتوقع نشرها في ديسمبر 2025.

وإنشاء منظومات بحث وابتكار مشتركة تربط الباحثين المصريين والشركات والمستثمرين وصنّاع السياسات بنظرائهم في أوروبا.

أصحاب المعالي والسعادة، الزملاء والأصدقاء،

إننا اليوم لا نحتفل بمجرد ذكرى سنوية، بل نحتفي بقصة شراكة قائمة على الثقة، ورؤية مشتركة للمستقبل.

كما نطلق اليوم فعاليات «أسبوع البحث والابتكار بين الاتحاد الأوروبي ومصر»، الذي يُنظم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبالشراكة مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي—وأتوجه بالشكر للسادة السفراء على حضورهم اليوم—والتي تنظم فعاليات متعددة على مدار الأسبوع.

وفي الختام،

ليكن هذا اليوم تقديراً لكل الباحثين والمبتكرين وصنّاع السياسات، وكيانات القطاع الخاص، والمؤسسات العامة والخاصة، الذين أسهموا في صياغة هذه المسيرة. (وسيُعرض العديد منهم على شاشة خارج القاعة).

وأتقدم بخالص التهاني إلى الحكومة المصرية، والسادة الوزراء الحاضرين معنا اليوم، وإلى مجتمع البحث والابتكار المصري الحيوي، مع تطلعي إلى مزيد من التعاون المثمر في المستقبل.