ميثاق المتوسط: بحر واحد، ميثاق واحد، مستقبل واحد - طموح مشترك للمنطقة
اليوم، عرضت المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية استراتيجية جديدة وطموحة لتعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع شركائه في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط. واستنادًا إلى الروابط التاريخية والثقافية التي تجمعنا، سيركّز الميثاق من أجل البحر الأبيض المتوسط على مجالات الاهتمام المشترك، حيث نتقاسم التحديات والطموحات.
سيعمل الميثاق من أجل البحر الأبيض المتوسط على تعزيز التعاون والعلاقات الاقتصادية بين ضفّتي البحر الأبيض المتوسط وما بعدها. وسيساهم في بناء فضاء متوسطي مشترك يتّسم بالترابط والازدهار والمرونة والأمن.
يقوم الميثاق على مبادئ الملكية المشتركة، والإبداع المشترك، والمسؤولية المشتركة. ويتّبع نهجًا عمليًا يتمحور حول مبادرات ملموسة تضيف قيمة حقيقية للناس والاقتصادات على جميع ضفّات البحر المتوسط. الهدف هو تحقيق فوائد متبادلة — من إنتاج الطاقة النظيفة إلى تحفيز الاستثمارات الخاصة. وسيتم تحقيق ذلك من خلال تعبئة مشاريع إقليمية تخلق فرصًا للأفراد والشركات على حد سواء، مع تركيز خاص على الشباب والنساء والمشروعات الصغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفّر الميثاق فرصة لتعزيز التعاون في مجالات الأمن والاستعداد وإدارة الهجرة. ومن بين مجالات الاهتمام المشترك التي تم تحديدها للعمل المشترك: الأمن البحري، صمود البنى التحتية الحيوية، والتصدي للتدخلات الخارجية، وذلك من أجل تعزيز السلام والأمن الإقليميين.
الركائز الثلاث
١. الإنسان كمحرّك للتغيير، والاتصال، والابتكار
يشمل هذا المحور إجراءات لتعزيز التعليم العالي، والتدريب المهني، والمهارات وفرص العمل، وتمكين الشباب والمجتمع المدني، والتنقل، والثقافة، والسياحة، والرياضة، مع تركيز قوي على الشباب.
وسيكون الجامعة المتوسطية مشروعًا رائدًا ضمن هذا المحور، وستربط بين الطلاب من جميع ضفّات البحر المتوسط.
كما سيتم توسيع منظومات التعليم والتدريب الفني والمهني القائمة، بينما سيعمل آلية التراث الثقافي على تعزيز التراث الثقافي، ودعم الفنانين، وإحياء السياحة بشكل مستدام.
٢. اقتصادات أقوى وأكثر استدامة وتكاملًا
يشمل هذا المحور إجراءات تتعلق بتحديث علاقات التجارة والاستثمار، وتعزيز الطاقة والتكنولوجيا النظيفة، والمرونة المائية، والاقتصاد الأزرق والزراعة، والاتصال الرقمي والنقل، وخلق فرص العمل.
وفي هذا السياق، ستكون مبادرة الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة عبر المتوسط (T-MED) ومبادرة StartUp4Med من المشاريع الرائدة ضمن هذا المحور.
كما سيعمل الشركاء على دمج سلاسل الإمداد، بما في ذلك في قطاعي الصحة والزراعة، وكذلك في المواد الخام الحيوية.
وسيسهم الربط الفعّال والآمن والموثوق للبنى التحتية الرقمية في تقريب الاقتصادات والمواطنين، في حين سيتم تعزيز اقتصاد أزرق مستدام وتجديدي في حوض البحر الأبيض المتوسط.
٣. الأمن، والاستعداد، وإدارة الهجرة
يشمل هذا المحور إجراءات لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وزيادة مستوى الجاهزية الإقليمية، والتعاون في نهج شامل لإدارة الهجرة.
وستتضمّن المبادرات ذات الأولوية الاستعداد والكفاءة في مواجهة الكوارث في منطقة البحر المتوسط.
كما سيتم تعزيز نهج شامل لإدارة الهجرة على طول طرقها، إضافة إلى نهج مشترك لإدارة الحدود والأمن المتكامل، بما يشمل شراكات تشغيلية لمكافحة تهريب المهاجرين.
وسيتم إنشاء منتدى إقليمي للاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط للسلام والأمن.
الميثاق مفتوح أيضًا للتعاون مع شركاء خارج منطقة جنوب المتوسط، بما في ذلك منطقة الخليج، وأفريقيا جنوب الصحراء، والبلقان الغربية، وكذلك تركيا.
ويُعد تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج هدفًا رئيسيًا لهذا الميثاق.
الخطوات التالية
يُقترح أن يتم إقرار الميثاق سياسيًا من قبل الاتحاد الأوروبي وشركائه في جنوب المتوسط في نوفمبر 2025، بمناسبة الذكرى الثلاثين لعملية برشلونة.
وستُترجم المبادرات المقترحة ضمن الميثاق إلى خطة عمل مخصصة، تحدد الدول والأطراف المشاركة في كل مبادرة.
ومن المقرر إعداد خطة العمل الأولية في الربع الأول من عام 2026. وستكون خطة العمل وثيقة ديناميكية يمكن إضافة مبادرات جديدة إليها بمرور الوقت.
وسيُدعى المنظمات الإقليمية والمجتمع المدني ومنظمات الشباب إلى دعم تنفيذها، بينما سيتم إبقاء مؤسسات الاتحاد الأوروبي على اطلاع دوري بشأن مراحل تنفيذها.
خلفية
الميثاق هو نتيجة عملية تشاور واسعة وشاملة شارك فيها طيف واسع من الأطراف، بما في ذلك شركاء جنوب المتوسط، ودول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، والدول المجاورة في المنطقة الأوسع، وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية ومراكز الفكر والمنظمات الثقافية والاقتصادية.
في عام 1995 تم إطلاق عملية برشلونة عقب توقيع إعلان برشلونة للتعاون المتعدد الأطراف مع دول البحر المتوسط.
وفي عام 2021، عمّق البرنامج الخاص بالبحر الأبيض المتوسط التعاون في مجالات الاهتمام المشترك مثل التنمية البشرية، والحوكمة، والمرونة، والعمل المناخي، والنمو الاقتصادي الشامل.
وقد وفّر خطة الاستثمار والاقتصاد المرتبطة به نقطة انطلاق لكيفية اقتراح الاتحاد الأوروبي ومتابعة المبادرات الملموسة.
أما الميثاق الحالي، فيهدف إلى مواصلة العمل بطريقة أكثر تنسيقًا ومنهجية، من خلال ربط الجهود بالإطار السياسي العام، مع تعزيز الحوكمة، وتنفيذ إجراءات ملموسة، وضمان الملكية المشتركة.