سوريا: بيان الممثل الأعلى بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي حول عشرة أعوام من الصراع

14.03.2021

يصادف تاريخ 15 آذار/مارس 2021 ذكرى مضي عشرة أعوام على اندلاع الاحتجاجات السلمية في أنحاء سوريا. لقد أطلق قمعُها العنيف على يد النظام شرارةَ عقد من الصراع. أفضى القمعُ العنيف الذي مارسه النظام ضد الشعب السوري و فشلُه في معالجة الأسباب الكامنة وراء الانتفاضة إلى صراع مسلّح تمّ تدويله و تصعيده. خلال الأعوام العشرة الماضية، سبّب عدد لا يُحصى من تجاوزات و انتهاكات حقوق الإنسان و انتهاكات خطرة للقانون الإنساني الدولي من قبل الأطراف جميعها، و لا سيما النظام السوري، معاناة إنسانية هائلة. تكتسي المحاسبة عن كافة انتهاكات القانون الإنساني الدولي و قانون حقوق الإنسان أهميةً قصوى بصفتها مطلباً قانونياً و عنصراً أساسياً في تحقيق السّلم المستدام و مصالحة حقيقية في سوريا.

إن أزمة اللاجئين السوريين هي أكبر ما شهده العالم من أزمات تهجير، إذ يبلغ عدد اللاجئين المسجلين 5.6 ملايين و يبلغ عدد المهجّرين 6.2 ملايين ضمن سوريا، مع عدم توفر شروط عودتهم الآمنة و الطوعية و الكريمة و المستدامة بما ينسجم و القانون الدولي. علاوة على ذلك، ترتّب على الصراع آثار حادة عبر المنطقة و خارجها و تغذية المنظمات الإرهابية. يعيد الاتحاد الأوروبي التذكير بوجوب تركيز جميع الفاعلين في سوريا على مكافحة داعش. يبقى الحولُ دون عودة ظهور المنظمة الإرهابية أولويةً.

إن الصراع في سوريا أبعدُ ما يكون عن الانتهاء. يبقى الاتحاد الأوروبي مصمماً و مستمراً في المطالبة بإنهاء القمع و إطلاق سراح المعتقلين و انخراط النظام السوري و حلفائه على نحو هادف في تنفيذ قرار مجلس الأمن الأممي 2254 تنفيذاً كاملاً. من دون تقدّم موثوق، و ما دام القمع مستمراً، سيتمّ تجديد عقوبات الاتحاد الأوروبي الموجّهة ضدّ كبار أفراد النظام و كياناته في نهاية شهر أيار. لم يغيّر الاتحاد الأوروبي سياسته كما هي مبيّنة في النتائج السابقة التي خلُص إليها المجلس، و يبقى ملتزماً بوحدة الدولة السورية و سيادتها و سلامة أراضيها.

الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم انتخابات حرّة و عادلة في سوريا بما ينسجم و قرار مجلس الأمن الأممي 2254 و تحت إشراف الأمم المتحدة، على نحو يرضي الحوكمة و وفق أعلى المعايير الدولية للشفافية و المحاسبة، على أن يكون كافة السوريين، بما في ذلك في الشتات، مؤهّلين للمشاركة. إن انتخابات يقوم النظام السوري بتنظيمها، كالانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي أو الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق هذا العام، لا يمكن أن تلبّي هذه المعايير و بالتالي لا يمكن أن تساهم في تسوية الصراع و لا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري.

لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يشيح بنظره و لن يفعل تاركاً مستقبل سوريا و شعبها رهينة الصراع. في 29 و 30 آذار، سيشارك الاتحاد الأوروبي مع الأمم المتحدة في ترؤس مؤتمر بروكسل الخامس حول "دعم مستقبل سوريا و المنطقة"، بمشاركة حكومات و منظمات دولية و كذلك المجتمع المدني السوري.

الاتحاد الأوروبي مستعد لتعزيز الحوار بين جميع الفاعلين الدوليين ذوي النفوذ في الأزمة السورية، و يدعوهم إلى توحيد الصفوف في المؤتمر ليعيدوا تأكيد و تعزيز دعم قوي لحلّ سياسي ينسجم و قرار مجلس الأمن الأممي 2254، و كذلك الجهود الحثيثة التي يبذلها المبعوث الأممي الخاص "بدرسن" لتعزيز كافة جوانب قرار مجلس الأمن الأممي 2254 في مقاربة شاملة. لا يمكن أن يكون لهذا الصراع حلّ عسكري: يمكن تحقيق السلام و الاستقرار المستدامين فقط من خلال حلّ سياسي شامل و جامع و حقيقي يقوده السوريون، بمشاركة كاملة و فعّالة من النساء و بأخذ مشاغل كافة شرائح المجتمع السوري بعين الاعتبار.

كما في الأعوام السابقة، سيتمخّض عن المؤتمر أيضاً دعمُ مالي دولي للمساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية شديدةِ التزايد داخل سوريا، و من أجل اللاجئين السوريين و المجتمعات و البلدان المُضيفة للاجئين في المنطقة. سيشهد المؤتمر دعوة قوية من أجل تجديد قرار مجلس الأمن الأممي 2533 لإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية على نحو آمن و مستدام و دونما عرقلة و إيصال المساعدات عبر الحدود، و الضرورية في ظلّ الظروف الحالية بغية تلبية احتياجات ملايين السوريين الحيوية داخل سوريا.

بتأمين قرابة 24 مليار يورو خلال العقد الماضي، يبقى الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء فيه الأكثر مساهمةً في تلبية احتياجاتٍ ولّدها الصراع. يستمرّ السوريون في نيل دعم الاتحاد الأوروبي السياسي و الإنساني كاملاً، في إطار السعي إلى مستقبل سلميّ و مستدام.