لبنان / الشرق الأوسط: كلمة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل في مناقشات البرلمان الأوروبي

10.10.2024
Strasburg
EEAS Press Team

ملاحظات افتتاحية

شكراً جزيلاً لك سيدي الرئيس. 

السيدات والسادة، أعضاء هذا البرلمان المحترمون،

بينما كنا نتكلم بالأمس، حلَّت الذكرى السنوية الأولى للنزاع الذي بدأ في غزة وحولها. ومنذ ذلك الحين، استمرت الحرب وانتشرت بأشكال متعددة. 

بالأمس كنا نتحدث عن الوضع في غزة. إذا ذهبتم إلى حدود رفح – والتي هي في المناسبة مغلقة – يمكنكم سماع الانفجارات على الجانب الآخر. ويمكنكم أن تروا المستودعات مليئة بالهبات القادمة من جميع أنحاء العالم والتي يُمنع إدخالها لأسباب سخيفة، كالاعتبار مثلاً أنّه لا يمكن إدخال كيس النوم الأخضر أو المقص الصغير لقطع الضمادات، لأنَّه سلاح خطير. 

هذا ما يحدث على حدود غزة. لكن منذ ذلك الحين انتشر النزاع في المنطقة. وهو الآن يؤثر على جنوب لبنان - لا يمكنكم فصل الأمرين بعضهما عن بعض. بدأ الأمر كلّه بإطلاق حزب الله صواريخ على مواقع إسرائيلية في أراضي الجولان المحتل. في اليوم نفسه، في 8 تشرين الأول، مباشرة بعد السابع من تشرين الأول، تضامناً مع حماس. بعد ذلك [استمروا في إطلاقها] في اتجاه الأراضي الإسرائيلية بطريقة كثيفة، مما تسبب في مقتل 45 شخصاً وتهجير حوالي 70,000 إسرائيلي من منازلهم وأراضيهم، وفقاً لوزير الدفاع السابق [بيني] غانتس.

تقصف إسرائيل الآن لبنان بكثافة، بعد سلسلة من تبادل إطلاق النار المستمر على طول الخط الأزرق. وقد دخلت قواتها الأراضي اللبنانية. وكان القصف كثيفاً بشكل غير عادي. وتشير الأرقام إلى نزوح نحو 20٪ من سكان لبنان، وإلى أنّ حوالي 150,000 شخص قد عبروا إلى سوريا. ويقدَّر عدد الضحايا المدنيين بحوالي 2,000 ضحية. ولا يؤثِّر القصف على المدن وعلى الأحياء الشيعية فقط، حيث يفترض أن يكون لحزب الله بنيته التحتية، بل يؤثر أيضا على أجزاء مركزية جداً من المدينة.

لقد قمنا بإدانة هجمات حزب الله ضد إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية. وجرى تفعيل الوساطة الدولية بقيادة فرنسا والولايات المتحدة لمحاولة وقف التصعيد ووضع حد لهذا التمدُّد للحرب. وكان ثمة اقتراح لوقف إطلاق النار شارك فيه الاتحاد الأوروبي، مع فرنسا والولايات المتحدة وعدة بلدان عربية، يدعو إلى تعزيز [الامتثال] لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يعود، كما تعلمون، إلى 20 عاماً ولم يطبق بعد.

في 26 أيلول، دعت الدول الأعضاء السبع والعشرون مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار. وكنّا نظن أنَّ حكومة نتنياهو كانت جزءاً من المفاوضات قبل هذه الدعوة، التي انطلقت من مجموعة السبع، ولكن الحقيقة هي أنّه منذ ذلك الحين، تفاقمت الأزمة وكذلك القصف.

إنّ لبنان بلد يعيش عدم استقرار عميق ، وينعدم استقراره لأنَّ فيه دولة أخرى داخل الدولة، هي حزب الله، مع اعتماد هائل على إيران. في الواقع، لدى حزب الله جناح مدني – مع أعضاء في الحكومة اللبنانية، ونواباً في البرلمان – ​​وجناح عسكري نعتبره منظمة إرهابية وليس لدينا أي اتصالات معه. لكننا [نجري اتصالات] مع الجناح المدني، الذي، كما قلت لكم، له أعضاء في الحكومة اللبنانية، والذي يمثل أقلية، وليس أغلبية، بل أقلية مهمة جداً في المنطقة.

يتدهور الوضع في لبنان. وقد نزح مئات الآلاف من الأشخاص، أي حوالي 20% من سكان لبنان. وأثّر القصف على طرق الاتصال مع سوريا. ويحاول المهاجرون السوريون والمنفيون السوريون العودة إلى سوريا هرباً من الوضع في لبنان، ولن يكون ذلك بدون عواقب بالنسبة إليهم.

لقد خصَّص الاتحاد الأوروبي 40 مليون [يورو] على شكل مساعدات إنسانية لمساعدة أولئك الذين عانوا من أحداث الأسبوع الماضي. ونحن ننسِّق عملية من قبيل العمليات القنصلية مع الدول الأعضاء لتأمين عودة مواطنينا. وهناك نحو 45,000 منهم في لبنان، ولكن يبدو أنّه ما من طلب كبير على العودة في الوقت الراهن، إذ الأماكن أكثر من الطلب.

من الواضح أنّه سيكون من الضروري التوصل إلى وقف لإطلاق النار بالوسائل الدبلوماسية. ومن الواضح أنّ لبنان يواجه مشكلة سياسية داخلية يجب أن يحلّها اللبنانيون أنفسهم. وقد استمرت حالة الضعف المؤسسي لعقود من الزمن، وتقع على عاتق النخب في هذا البلد مسؤولية هائلة.

منذ انفجار مرفأ بيروت، عندما ذهب الرئيس ماكرون إلى لبنان للإشارة إلى مسؤولية النخب السياسية في إنقاذ بلادهم، لم يتغير الكثير. إنّ الجيش هو بالفعل أقوى مؤسسة والعمود الفقري للبلاد. لكن هذا الجيش يعاني من نقاط ضعف هائلة، حتى من ناحية قدرته المالية على دفع رواتب جنوده. وتساعد عدة دول أجنبية في تمويل قواته. ومن المؤكد أن قدرته العسكرية لا تسمح له بموازنة قدرة حزب الله، ناهيك عن الدفاع عن سلامة أراضيه ضد أي غزو أو هجوم من جارته إسرائيل.

هناك 10,000 عنصر تابع لقوات اليونيفيل منكفئون في الوقت الراهن في غرفهم المحصّنة لأنّه من الواضح، في خضم القصف الكثيف في منطقتهم، أنَّ الشيء الوحيد الذي يمكنهم القيام به هو محاولة حماية أنفسهم.

واسمحوا لي أن أشدِّد على فكرة أنّه بدون التزام قوي بالإصلاح السياسي داخل المجتمع اللبناني – من جانب الأطراف السياسية في لبنان – لن يكون للبنان حل. ولا يمكن لأحد أن يحل محلهم في القيام بما يمكنهم القيام به وحدهم. فالطبقة السياسية في لبنان هي التي يجب أن تسيطر على ذلك البلد وتقوده. ولتحقيق ذلك، أعتقد أنَّ هناك أربعة إجراءات أساسية في هذا الوقت.

[أولاً وقبل كل شيء،] انتخاب رئيس للجمهورية، وهي عملية معطلة منذ نحو عامين. في زيارتي الأخيرة إلى لبنان، التقيت برئيس مجلس النواب السيد [نبيه] بري، [وبالطبع برئيس الحكومة]. الانتخابات توقفت لأنّه، كما تعلمون، يجب أن يكون الرئيس مسيحياً مارونياً وما من طريقة لنيل أصوات كافية لانتخابه. في هذه الهيكلية السياسية الخاصة في لبنان، حيث يجب أن ينتمي كل مسؤول كبير إلى إحدى الطوائف التي يتشكَّل منها لبنان، يجب أن يكون الرئيس مسيحياً مارونياً - ولكن لا مجال لانتخاب رئيس، ولذلك فإنَّ البلد مشلول.

يبدو الآن أنّه في مواجهة الصعوبات الهائلة الناجمة عن القصف – على جانبي الحدود – وأخيراً، القصف الكثيف في بيروت ودخول القوات الإسرائيلية إلى أراضيه، يمكن [تحقيق] هذا الاحتمال – الذي لم يكن ممكنا حتى الآن. وهذه مسألة أساسية. فالبلد غير القادر على اختيار رئيس الجمهورية لا يستطيع القيام بإصلاحات أخرى.

ثانياً، هناك دعم للجيش اللبناني الذي يجب أن يعود إلى جنوب لبنان. كما أنّ أي بلد وأي جيش في بلد مستقل مسؤول عن حماية حدوده. وقد قطعنا على أنفسنا التزامات مالية لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية، من خلال آلية السلام الأوروبية. ولكن هذا لا يكفي بالتأكيد. فهناك الكثير مما يجب القيام به، على افتراض أن ثمة إجماعاً "بين اللبنانيين" للقيام بذلك.

ويشكِّل القرار 1701 الإطار القانوني لإعادة انتشار الجيش اللبناني، ولكن يجب أن تكون لديه القدرة على ذلك. وهذا غير ممكن طالما لم يكن هناك دافع سياسي مسبق.

ثالثاً، أعتقد أنّه يجب منح اليونيفيل ولاية أقوى لضمان السلام على الحدود. ومرة أخرى، يبدو هذا غير واقعي في ظل الظروف الراهنة، ولكنَّنا جميعاً نعرف ما يعنيه احتلال جنوب لبنان. وهذه ليست المرة الأولى التي تغزو فيها إسرائيل لبنان.

لقد غزت إسرائيل لبنان 3 مرات: في عام 1978، وفي عام 1982 حتى عام 2000 [الغزو] الثاني، وفي عام 2006 [كان الغزو الثالث]، والآن سيكون الرابع.

أبصر حزب الله النور بعد غزو عام 1982، وتطور بشكل كبير، من قوة مقاومة ناشئة إلى منظمة لها علاقات هائلة مع إيران. وكما قلت، بات دولة ضمن الدولة. يبدو لي أنّه من دون تعزيز قوات الأمم المتحدة، سيكون من الصعب جداً إعادة هيكلة المنطقة ومنع تحول لبنان إلى غزة جديدة – من حيث شدَّة الحرب التي يمكن تحمّلها.

أما مجال العمل الرابع فهو تقديم المساعدة والمعونة المادية والإنسانية. يعاني الشعب اللبناني معاناة هائلة. تخيلوا أنَّ 20% من السكان نازحون. من يستطيع استيعاب 20% من سكان البلد؟ هذا بالإضافة إلى القصف الكثيف الذي أسفر عن عدد كبير جداً من القتلى والجرحى. لقد سبق وذكرت أحدث الأرقام، ولكنها مستمرة في الارتفاع.

لقد اقترح الرئيس [إيمانويل] ماكرون عقد مؤتمر إنساني لهذا الغرض، وينبغي بالتأكيد القيام بذلك. ومن شأن ذلك أن يسمح بعودة السكان المشردين على جانبي الحدود. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه على الجانب الإسرائيلي، هناك حوالي 70,000 [نازح]، وعلى الجانب اللبناني، هناك حوالي مليونين. والفرق ملحوظ.

لدينا مشكلات طارئة وأمنية، ومشكلات في بناء الدولة، ومشكلات في تقديم معونة ضخمة لإعادة بناء هذه الدولة. ووعدت رئيسة [المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين،] بمبلغ مليار يورو (1.000 مليون) في أيار الماضي لهذا الغرض.

وسيكون من الضروري وضع جدول زمني لصرف هذه المبالغ لأنَّنا اعتدنا في بعض الأحيان على تحديد المبالغ دون إعطائها بعداً زمنياً. [فصرف] 1,000 مليون في الشهر ليس مثل [صرف] 1,000 مليون في السنة أو 1,000 مليون دفعة واحدة. مليار يورو [يتم صرفها] متى؟ علينا أن نعتاد نحن في الاتحاد الأوروبي على وضع التقويمات وأوقات الدفع للمبالغ [التي] نلتزم بها. وبإيجاز، هناك ذلك الالتزام الذي يتعين علينا الوفاء به.

هذه هي لحظة الحقيقة للبنان واللبنانيين. عليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم، أي الطبقة الحاكمة. إنَّ الحركة السياسية ملحَّة، وهي تبدأ، كما سبق وقلت، بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات لأنَّ الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال.

أنا على اتصال دائم مع صديقي وزير الخارجية [عبدالله بو حبيب]. أعرف الصعوبات الهائلة التي تواجههم. علينا أن نساعد هذا البلد، وعلينا أن نستفيد من فرصة ضعف حزب الله هذه لتقوية الهياكل السياسية في لبنان. ويجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المنطقة.

كما قلت لكم، فإنَّ إسرائيل غزت لبنان ثلاث مرات، وستكون هذه هي المرة الرابعة. وبعد كل غزو، عليكم أن تسألوا أنفسكم ما إذا كان أمنكم قد ازداد، أو إذا كانت هناك انتصارات تكتيكية، أو هزائم استراتيجية. يعتقد الكثيرون في إسرائيل أنَّ هذه الأعمال لم تجعل إسرائيل أكثر أماناً، بل على العكس من ذلك، فقد زعزعت استقرار الحدود الشمالية لإسرائيل وأدّت إلى ظهور حزب الله وتقويته.

هل يمكن لتدخل عسكري آخر أن يعطي نتائج مختلفة؟  ‫لا أعرف.يبيّن التاريخ أنّه ما من حلول عسكرية للنزاعات المتجذرة بعمق في هيكليات منطقة مثل الشرق الأوسط - و[أكثر من ذلك] في مواجهة الضعف المؤسسي لبلد ما.

وهذا ما يجب أن نأخذه في الاعتبار عند تقييم عملنا. إنَّها أيضاً لحظة الحقيقة بالنسبة إلينا، لمعرفة ما إذا كنّا قادرين حقاً على مساعدة لبنان. لكن الأهم، وقبل أي شيء آخر، يجب أن نواجه الطبقة السياسية اللبنانية بمسؤولياتها. فبدونها، لا يمكن بالتأكيد لأي بلد أن يجد حلولاً.

شكراً جزيلاً لكم.

 

ملاحظات ختامية 

سيدتي الرئيسة، السيدات والسادة،

لقد كانت هذه مناقشة طويلة تمَّ فيها الإعراب عن مواقف متضاربة جداً بشأن ما يحدث في الشرق الأوسط.

لقد ناقشنا أو ناقشتم الوضع في غزة مرة أخرى. ويؤثر هذا بشكل واضح على ما يحدث في لبنان. [كما ناقشتم أيضاً] مسألة الهجمات الإيرانية على إسرائيل، وما يمكن للأسف أن يستمر في الحدوث في حال استمرار التصعيد.

إنّه تأثير الدومينو. وتأتي هجمات حزب الله على إسرائيل رداً على الحرب في غزة، وهي مستمرة. وإسرائيل ترد. وإيران ترد. وإسرائيل ترد [مرة أخرى]. نحن ننتظر تصعيداً، وهو ما نحاول [تجنبه]، والحل الوحيد، كما قلت لكم في البداية، داخلي، أي أن تتحمل الطبقة السياسية في لبنان مسؤوليتها وتضمن حوكمة البلاد، وأن يتم، من ناحية أخرى، التوصل إلى وقف لإطلاق النار يمنع استمرار هذه الحرب في لبنان والتي هي ضد حزب الله، نعم، وإنّما تؤثر بشكل كبير على المواطنين اللبنانيين. عندما يتم تهجير 20٪ من سكان بلد ما، يدخل هذا البلد بوضوح في أزمة خطيرة؛ عندما يتم قصف عاصمته بشكل كثيف بقذائف عالية العيار، يزداد عدد الضحايا المدنيين. يطلب لبنان المساعدة من المستشفيات في البلدان المجاورة، ولاسيما في الأردن، ونحن نحاول أيضاً تقديم المساعدة. ولا يمكن استخلاص نتيجة واضحة من المناقشة. لقد رأيت مرة أخرى المواقف المتضاربة بالأمس مع القليل من التعاطف مع معاناة طرف أو طرف آخر، [رغم] عدم التعاطف أكبر دون شك مع معاناة المدنيين في غزة والآن في لبنان.

أودُّ فقط أن أقدم توضيحاً. الأمين العام للأمم المتحدة [أنطونيو غوتيريس] لم يبرر أبداً هجمات حماس. ولم يقل الأمين العام للأمم المتحدة أبداً إنّه دعم هجمات حماس أو دافع عنها أو برَّرها. إنَّ قول ذلك اتهام خطير جداً ضد من يمثل منظمة مهمة للسلام واﻷمن في العالم مثل اﻷمم المتحدة.

التفسير ليس تبريراً. ويمكن البحث عن تفسيرات لجميع الأعمال البشرية. هذا لا يعني أنّها مبررة. لذلك يؤسفني جداً أنَّ هذه الأنواع من الاتهامات توجه إلى الأمين العام في هذا البرلمان. لقد أصدرنا، أنا ومجلس الاتحاد الأوروبي، بيانات تدعم الأمين العام للأمم المتحدة، وتشكره على عمله.

يؤسفني أن يتم اليوم في تل أبيب إقرار الأحكام القانونية التي تسمح باعتبار الأونروا منظمة إرهابية ووضعها خارج أي نشاط في الأراضي التي تسيطر عليها دولة إسرائيل. هذه أخبار سيئة للغاية لكثير من الأمور في هذا النزاع. السيد [عضو البرلمان الأوروبي] [جوردن] بارديلا، ما زلت أنتظر الأدلّة التي يجب أن تقدمها لنا بشأن حقيقة [الزعم] أنّنا – نحن الاتحاد الأوروبي – نموِّل حماس. وأنا على يقين من أنَّ السيدة الرئيسة ستهتم جداً بمعرفتها

Peter Stano
Lead Spokesperson for Foreign Affairs and Security Policy
+32 (0)460 75 45 53
Gioia Franchellucci
Press Officer for Foreign Affairs and Security Policy
+32 229-68041