عمليّة إيريني ومسار البحث عن السّلام في ليبيا

21/03/2021 – مدوّنة الممثّل السّامي/نائب الرّئيس - لقد مرّت سنة على إطلاق عمليّة إيريني البحريّة التّابعة للاتّحاد الأوروبي. قمت يومي 18 و 19 مارس بزيارة المقر الرئيسي لعملية إيريني في روما ، وقاعدة سيغونالا الجويّة وأحد سفننا الأربعة الموجودة حاليًا في البحر – برلين "أف جي أس".و تأتي زيارتي هذه في فترة حاسمة بالنسبة الى ليبيا والجهود الدولية القائمة لدعم عمليّة إرساء السلام. لقد بدأت تلوح لنا في الأفق مرحلة مفعمة بالآمال.

 

لقد قلت من قبلُ أنّ الصّراع اللّيبي أصبح "حلبة للحروب بالوكالة" على أعتاب منطقة الاتّحاد الأوروبي.  علينا كاتّحاد أوروبي  أن نبذل كلّ ما بوسعنا  للمساعدة في إنهاء الصّراع  ودعم تسوية سياسيّة فعليّة ، على الرّغم من أنّنا ندرك  مدى  صعوبة ذلك

"بعد 10 سنوات من الصراع في ليبيا ، تظهر أمام البلاد والشّعب فرصة جديدة".

بعد 10 سنوات من الصّراع في ليبيا ، تظهر للبلاد والشّعب فرصة جديدة،  إذ يوجد اتّفاق قائم لوقف إطلاق النّار ، والعملية السياسية جارية ، ومن المقرّر إجراء الانتخابات في نهاية السّنة ، كما انّ الحكومة المؤقتة أدّت لتوّها اليمين الدستوريّة. وأنا فخور بأن الاتحاد الأوروبي قد تمكن من المساهمة في هذه تحقيق التطورات الإيجابية ، بما في ذلك من خلال عملية إيريني.

أتيحت لي الفرصة في مقرّ العمليّة في روما لأرى كيفيّة قيام العملية برصد وتتبع السفن والطائرات المشتبه في انتهاكها لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة ، وكيفيّة تنسيق العمل في المجال البحري. والتقيت أيضًا  في روما بوزير الخارجية السيد دي مايو،  ووزير الدفاع  السيد جويريني ، وشكرتهما على مساهمة إيطاليا في واحدة من أهم العمليات التنفيذيّة الأوروبية على حدودنا . كما كانت لي الفرصة  كذلك لمناقشة قضايا أخرى هامّة تندرج جاليّا ضمن جدول الأعمال.

وقمت في قاعدة سيجونيلا الجوية وعلى متن إحدى السفن الأربع الموزّعة حاليًا وسط البحر الأبيض المتوسط ​​، برلين "أف جي أس" ، بالاشادة  بالعمل الجادّ الذي قام به جميع الرجال والنساء الذين يخدمون هذه العملية. أثناء تواجدي على متن السفينة الألمانية برلين "أف جي أس"  ، تحدثت أيضًا مع الوزير كرامب كارينباور وأعربت عن امتناني لمساهمة ألمانيا في عمليّة إيريني وعلى نطاق أوسع في عملية إرساء السلام في ليبيا.

 

أسطول بحريّ من فرنسا وإيطاليا واليونان وألمانيا ؛و فريق الصعود اللّيتواني يعمل على متن سفينة ألمانيّة ؛ وطائرة لوكسمبورغ بجوار طائرة بولنديّة ؛ وموظّفون من ستّ جنسيّات مختلفة يعملون معًا في نفس الغرفة لمركز العمليّات المشتركة: هذا هو تجسيد لتحرّك الدّفاع الأوروبي ".

 

وفي  نفس الوقت ، تعدّ عملية إيريني بمشاركة 24 دولة عضو فيها ، مسعى أوروبيّا بامتياز. انّ الأسطول البحريّ يرجع الى فرنسا وإيطاليا واليونان وألمانيا ؛ وفريق الصّعود اللّيتواني يعمل على متن سفينة ألمانيّة ؛ وطائرة لوكسمبورغ  توجد  بجوار طائرة بولنديّة؛ و الموظّفون ينحدرون من ستّ جنسيّات مختلفة ويعملون معًا في نفس الغرفة لمركز العمليّات المشتركة: يعتبر هذا تجسيد لتحرّك الدّفاع الأوروبي".

 

تنفيذ حظر الأسلحة على ليبيا

 

اسمحوا لي أن أذكّر كيف جاء الاتّحاد الأوروبي بفكرة إطلاق عمليّة  إيريني.  في جانفي 2020، خلال مؤتمر برلين حول ليبيا، تمّ الاقرار بانّ  بتنفيذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتّحدة يعدّ أولوية. و لكن طالما أنّ الأسلحة تتدفّق إلى ليبيا ، فمن الصعب إرساء سلام دائم. لذلك، اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بالتحرّك في هذا الشأن . و إنّ العملية لم تكن سهلة.

لقد خشي البعض مما يسمّونه  "بالعوامل الجاذبة" للمهاجرين ، والتي لم تحدث فيما بعد في الواقع . لقد استغرق الأمر بعض الوقت للشّرح والإقناع والطمأنة.  وغالبًا ما يكون الوصول إلى الإجماع صعبًا ، لكننا نجحنا في ذلك . وبالتعاون مع الدول الأعضاء ، قمنا بتنفيذ جميع التخطيطات اللازمة في ستة أسابيع فقط ، وتمكّن الاتحاد الأوروبي من إطلاق عملية إيريني في 31 مارس 2020.

 

"قامت السفن التابعة لعمليّة إيريني ومركباتها وطائراتها المسيرة دون طيّار بدوريّات في وسط البحر الأبيض المتوسّط ​​، وأجرت أكثر من 2300 دوريّة بحريّة للتحقّق من السّفن التجاريّة ، وحوالي 100 مقاربة وديّة و8 عمليّات تفتيش.

 

على مدار العام الماضي ، قامت السّفن التّابعة لعمليّة إيريني ومركباتها وطائراتها المسيّرة دون طيّار بدوريّات في وسط البحر الأبيض المتوسّط ، وأجرت أكثر من 2300 دوريّة بحريّة للتحقّق من السّفن التجاريّة ، وحوالي 100 مقاربة وديّة و8 عمليّات تفتيش. كما صادرت إيريني شحنة واحدة غير قانونية ومنعت تصدير الوقود بشكل غير قانوني.

ونساهم أيضًا على نطاق أوسع من خلال عملية إيريني  في ضمان الأمن البحري في منطقة تعتبر ذات أهميّة استراتيجية لأوروبا.  وهذا ما نفعله كذلك من خلال عمليّة أتالانتا قبالة سواحل الصّومال أو في خليج غينيا من الخلال التواجد البحري المنسّق الجديد . نظرًا لأنّ المجال البحري أصبح ساحة لمنافسة جيوسياسية أكبر ، فإن تواجدنا  في البحر مهمّ لأمن أوروبا ومواطنينا.

تقوم عملية  إيريني بمراقبة  انتهاكات حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتّحدة على ليبيا  والتي تحدث في البحر،  ولكن أيضًا في البرّ والجوّ.  وخلال العام الماضي، قامت عمليّة إيريني بمراقبة 16 ميناءً ومنشأة نفطيّة ليبيّة كما قامت بمراقبة 25 مطارًا ومهبط طائرات بالإضافة إلى ما يقارب 200 رحلة جويّة التي من المحتمل أنّها كانت تنقل شحنات عسكريّة ذهابًا وإيابًا إلى ليبيا. ولهذا الغرض، يمكن أن تعتمد إيريني أيضًا على المعلومات المقدّمة من مركز الأقمار الصّناعية التّابع للاتّحاد الأوروبي، مما يدلّ على أهميّة نفاذ العمليّة الى المعلومات بالنسبة  للأمن الأوروبي.

تقوم عملية إيريني بمشاركة هذه المعلومات الهامة مع الأمم المتحدة. وحتى الآن ، أرسلت إيريني أكثر من 20 تقريرًا سريًا إلى فريق الخبراء التّابع للأمم المتحدة حول انتهاكات حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.  إلاّ أنّه على الرغم من كل الجهود التي نقوم بها ، استنتج تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الأخير الصادر هذا الأسبوعى أن هذا الحظر (الرابط من مصدر خارجي) ’’غير ناجع أبدا‘‘.  و نحن  لسوء الحظ على إدراك بذلك . وهذا متوافق تماما مع  تقييمنا الخاصّ،  كما أنّ يؤكد الحاجة إلى وجود عمليّة مثل عمليّة إيريني. وجاء في  التّقرير كذلك إقرار بالتعاون الجيد مع عملية إيريني ، الجهة الفعلة الوحيدة التي تنفّذ حظر الأسلحة وتعمل في نفس الوقت كقوّة رادعة . ولذلك علينا تكثيف جهودنا وتوسيعها.  

ومن الجدير بالذكر أن عمليّة  إيريني لا يمكنها تفتيش السفن االتي يشتبه فيها إلا وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي وقانون البحار الدولي.  ولا يمكنها التدخّل على الشاطئ ولا اعتراض الطائرات. ولكننا على إحاطة كاملة بما يفعله المخرّبون لأنّ عملية إيريني تراقب ذلك.   يعود النّظر الآن،  الى مجلس الأمن لاتخاذ إجراء على  ضوء هذا التقرير. ويعدّ محوريّا أن تحترم   جميع الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة التزاماتها بتنفيذ حظر الأسلحة وأن تمتثل جميع دول العلم لنداء مجلس الأمن للتعاون مع عمليّات التفتيش.

ومن المقرّر تجديد ولاية عملية إيريني لمدة عامين آخرين. وسنواصل مراقبة السفن التي يشتبه فيها ، بغض النظر عن  مصدرها .  وسنجري عمليات التفتيش بأعلى درجات المهنيّة وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

تعدّ ليبيا اليوم أكثر استقرارًا من ذي قبل  ، لكنّ السّلام لم يعمّ  فيها بعد. هناك فرصة سانحة أمام ليبيا و يجب اغتنامها. نحن بصفتنا الاتحاد الأوروبي ، على استعداد لبذل المزيد من الجهود سعيا  لإنهاء الصراع وتقديم المزيد من الدعم لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

 

 

More blog posts by EU High Representative Josep Borrell