THIS CONTENT HAS BEEN ARCHIVED

الاتحاد الأوروبي يرحب بانضمام مصر لجهود معالجة تغير المناخ

02.07.2017
Teaser

كانت اتفاقية باريس التاريخية بشأن تغير المناخ إنجازا مهما على صعيد الجهود متعددة الأطراف والتي يمكن للاتحاد الأوروبي و مصر، بل ينبغي أن يكونا فخوران بها. يعد التقدم الذي أحرز بشأن التصديق على الاتفاقية تقدما مذهلا؛ حيث دخلت حيز النفاذ في الرابع من نوفمبر من العام الماضي، إلا أن 148 دولة قد صدقت عليها بالفعل. نحن نرحب ونقدر إتمام إجراءات التصديق الداخلية بمصر على اتفاقية باريس.

Text

يمثل التصديق بالطبع خطوة مهمة نحو تنفيذ اتفاقية باريس، إلا أنه لن يؤدي في حد ذاته إلى تقليل الغازات المنبعثة بسبب الاحتباس الحراري، ولا إلى التكيف أو التمويل. فمن أجل تحقق الرؤية بشأن مستقبل عالم يتسم بالمرونة تجاه تغير المناخ وقلة الانبعاثات، لابد أن نركز كل اهتمامنا الآن على تحويل أقوالنا لأفعال.  

تمنحنا جهود معالجة تغير المناخ فرصا لا حصر لها لابتكار طرق جديدة وأفضل للإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتجارة ولحماية الأرواح والأصول وفرص الرزق بما يعود بالفائدة على الناس كافة والكوكب أيضا. ومن أجل إحداث تحول اقتصادي واجتماعي ضروريان للغاية، سيكون من المهم الآن ترجمة أهداف تقليل الانبعاثات واستراتيجيات وخطط التكيف التي طرحتها الدول إلى سياسات وتدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ في كافة قطاعات الاقتصاد. فالنية وحدها لا تضمن التنفيذ.

يؤكد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء العزم على أن نلعب دورنا كاملا في تنفيذ اتفاقية باريس على الصعيد الوطني والدولي. فدائما ما قدمت أوروبا دعما ماليا كبيرا لدعم الأنشطة المتصلة بالمناخ في الدول الشريكة وستواصل ذلك. يصل إجمالي الدعم المقدم على المستوى العالمي، في عام 2015 فقط، إلى 17.6 مليار يورو.

وعلى المستوى الوطني، فإننا ملتزمون بضمان إنهاء الحزمة التشريعية والتنظيمية اللازمة لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي من اتفاقية باريس؛ وهي تقليل الانبعاثات بنسبة تصل، على الأقل، إلى 40% بحلول عام 2030. تغطي إجراءاتنا التشريعية كافة قطاعات الاقتصاد ونضع كفاءة الطاقة في المقدمة إلى جانب تعزيز استهلاك الطاقة المتجددة في أنحاء القارة الأوروبية. 

إننا نسمع عن المخاوف من أن اتخاذ خطوات نحو معالجة تغير المناخ يمكن أن يؤثر على النمو الاقتصادي، ونتفهمها. إلا أننا وجدنا أن العكس هو الصحيح؛ حيث انخفضت انبعاثاتنا بنسبة 22% منذ عام 1990 في حين أن إجمالي الناتج المحلي الأوروبي ازداد بنسبة 50%. وخلال هذه الفترة، وفرنا وظائف جديدة وأعمال وتقنيات وميزات تنافسية بما يعد اقتصاداتنا جيدا لمستقبل يتسم بالمرونة تجاه تغير المناخ وانخفاض نسبة الكربون.

كما نستثمر في ذات الوقت في زيادة سرعة تكيف مجتمعاتنا وجعلها أكثر مرونة. فمن واقع خبرتنا نجد أن مقابل كل يورو يستثمر في الحماية من الفيضانات، يمكننا أن نوفر 6 يورو من الخسائر التي تجنبناها. بمعنى آخر، يقلل الاستثمار في التكيف بشأن المناخ المخاطر الحالية والمستقبلية.

وفي حين أن الاتحاد الأوروبي لديه خبرة تعود لأكثر من 20 عاما في تطوير وتنفيذ سياسات مناخ طموحة، فإننا نعلم أن الكثير من شركائنا يخوضون هذه التجربة للمرة الأولى. نحن مستعدون لمشاركة خبراتنا ودروسنا المستفادة، كما أننا أسسنا بالفعل لتعاون مكثف في مجال سياسات المناخ مع بعض من شركائنا الرئيسيين بما فيهم مصر.

لقد التزم الاتحاد الأوروبي بتقديم 20% على الأقل من التمويل الذي يوفره للمساعدات الإنمائية دوليا للأنشطة المتعلقة بالمناخ. ونقوم في مصر بأكثر من ذلك بكثير؛ حيث إن أكثر من نصف مساعداتنا لها تأثير متصل بالمشكلة. فالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته أولويات مهمة لبرامج المساعدات التي نقدمها هنا؛ حيث إن أكثر من 700 مليون يورو من إجمالي منح المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي حاليا لمصر ذات صلة بالمناخ. كما ساهم جزء منها في توفير قروض ميسرة إضافية من بنك الاستثمار الأوروبي وبنوك إنمائية أوروبية أخرى بما يقدر بـ 4.65 مليار يورو. هذا بالإضافة إلى برامج التعاون الثنائي بين مصر وعدد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.

إننا نعمل في مختلف أنحاء مصر داعمين للطاقة المتجددة والنظيفة، وكفاءة الطاقة، والنقل، والصرف الصحي، والمياه وإدارة المخلفات، وتخفيف حدة التلوث، والإسكان، والزراعة.

إن مساعدتنا في قطاع المياه تركز أيضا على نهج متكامل يتصل بالمناخ فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية. كما أنه توجد برامج تكيف أخرى تغطي مجالات مثل كفاءة الطاقة في قطاع الإسكان، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، والزراعة، وتقليل مخاطر الكوارث.

إلى جانب وضع استراتيجيات مناخ طويلة الأجل، توجد أيضا إجراءات نحتاجها جميعا الآن بشكل عاجل. ستجتمع الدول في بون في خلال أشهر قليلة في مؤتمر  COP23 لاستكمال العمل الجاد لتحويل الاتفاق السياسي المتمثل في اتفاقية باريس إلى واقع. وينتظرنا في العام القادم حدث مهم آخر يدعى "الحوار التيسيري" والذي سيكون الفرصة الأولى منذ مؤتمر باريس للنظر في مجهوداتنا الجماعية للحد من الاحتباس الحراري وما قمنا به من أعمال ملموسة للوفاء بالالتزامات التي قطعناها. سيكون هذا الحوار لحظة استعراض لقدراتنا على متابعة العهود التي قطعها قادتنا في باريس.

وليست الحكومات فقط هي من يعمل في ذلك المجال، فتحديات تغير المناخ غير مسبوقة على صعيد نطاق التأثير ومستواه. لذا، فالمدن والأقاليم والمجتمع المدني والأعمال كلهم لديهم دور مهم يجب أن يضطلعوا به في تنفيذ مهام على أرض الواقع تحدث فرقا. إننا في حاجة إلى تعاون وتنسيق بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص إلى جانب أطراف أساسيين آخرين. لن يمكننا أن نرتقي لمستوى الطموح الذي وضعناه لأنفسنا وتوقعات أجيال المستقبل سوى بالعمل معا.

كان مؤتمر باريس لحظة فارقة في الكفاح الذي نخوضه لحماية الكوكب من أجل أجيال المستقبل. ولابد لنا من الحفاظ على هذا الزخم في الأشهر والسنوات القادمة لأن المكافأة تستحق ذلك بالفعل وهي تتمثل في الحد من الانبعاثات، وأمن طاقة أكبر وكفاءة الطاقة، ونمو يدفعه الابتكار، وخلق فرص عمل، ومجتمعات أكثر قدرة على التكيف، وبيئة أفضل. أمامنا الكثير من العمل الذي يجب علينا تنفيذه ونتطلع لمواصلة شراكتنا مع مصر.

 

السفير إيفان سوركوش؛ رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر

الفئة
Op-Eds
Location

القاهرة

Editorial sections
مصر